يصغرُ كلّ كلامٍ أمام مذابح غزة،حتى القضية الأمّ ،قبلة كلّ عربي، تصغرُ أمام هذا الموتِ الداعر،والتاريخ سيحكي عن المسلخ الاسرائيلي واضعا إيّاه في موازاة النازية الهتلرية، باعتبارهما وثيقتي عار في جبين البشرية جمعاء،وبخاصة ومرّة أخرى في جبين الغرب تحديدا، هذا الغرب الحامل الحضارة الحديثة ومنظومة القيم الانسانية التي يدّعي الدفاع عنها.
أطفال غزة هم الشهود الشهداء،على ذلك العار الانساني في تخلّيه ...
وأطفال غزة يشبهوننا فهم أولادنا بعيونهم العسليات وشعرهم الأسود ووجوهم الحنطية...
أطفال غزة يشبهون أطفالنا السوريين الشهداء الشهود على عار العرب وعار العالم،ولو تطلعنا اليهم مذبوحين وميتين من غير عناوين الشاشات لتهنا أيّهم من غزة وأيّهم من سوريا لولا أن الأوّلين يُقتلون بالراجمات والصواريخ والآخرين يموتون بالغاز وبراميل البارود...
إنني أصبحت في حيرة من نفسي ،أسائلها وأسأل الناس : من هم الداعشيون في هذا الزمن الرديء؟؟؟؟ بل إن صياغة السؤال هي على الشكل التالي :من هو أكثر داعشية من الآخر؟؟؟وليسأل الناس أنفسهم من غير اصطفاف ولا خبث ولا خوف ولا ممالأة ...وليجيبوا ذواتهم ولو لمرة جوابا يحمل الصدق والتجرّد والقيم الانسانية التي تسمو على الدين والعرق والمذهب والعقائد؟؟
أيهم أكثر داعشية في الحاضر الراهن من غير أن نعود الى التاريخ القريب والبعيد لنستعرض دواعش التاريخ عربا وعجما ،مسلمين ومسيحيين ويهودا وملحدين...
من هم الأكثر داعشية في حاضرنا ومن يحمل فيهم قصب السباق؟
أهم الإسرائيليون الذين يجددون مذابحهم بحق الأطفال والنساء والمدنيين ؟
أهم السوريون الذين يقصفون شعبهم ببراميل الموت وبالغازات والكيماوي حتى غدت سوريا كلها أكبرمسلخ بشري في العصر الحديث؟
أم هم الداعشيون أنفسهم هؤلاء المجانين الوحوش وما هم سوى صنيعة الأنظمة الديكتاتورية العربية والمخابرات على أنواعها ،وما هم سوى نتيجة لتلك الخلطة الكيماوية العجيبة والتي تنتج مسوخا بشرية، خلطة الاستبداد والقمع والسحل مع الظلم والإفقار، مجموعة مع ذلك المفهوم الديني المشوّه والذي ساد منذ عقود عديدة وما زال يسود عبر أنظمة تمارس الحكم الالهي والرجم والجلد والتكفير؟؟؟
سائلوا أنفسكم ولا ترموا جميع عوراتكم على غيركم كما يفعل الأطفال، فالغرب ضالع في داعشياتنا وخبيث ومسيطر...
لكن داعشيتنا هي منّا وفينا وهي مغروزة من قبل اكتشاف أميركا ومن قبل صعود الغرب، داعشيّتنا في بطون كتبنا الصفراء القديمة، ظهّرها وأحياها فقهاء العصر الحديث ،حكامنا في الخليج وفي ايران ،المتألهون الدينيون،وحكامنا في سائر الحظائر العربية ،قادة القمع والسحل والتعذيب والإرعاب والإفقار والكذب واللعب على مشاعر الناس وأحلام الناس وقومية الناس وفلسطين الناس...
من هم الأكثر داعشية في عصرنا ؟؟؟
حاكموا أنفسكم أوّلا،حاكموا شعوبكم وحاكموا حكّامكم وقادتكم وفقهاءكم وآلهتكم ،قبل أن تحاكموا الغرب وترموا ويلاتكم عليه فقط،فننسى جميعنا أن الداء فينا أولا وأن العطب في حكامنا وأن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم،لا حتى يلوموا الآخرين على هوانهم وجهلهم وانصياعهم.
صحيح أن داعش تنكّل بالميسحيين وتستفرد بهم لكنّ هنالك من قتل المسيح ألف مرة،وصحيح أنها تحطم المراقد والأضرحة لكن هنالك من هدم الناس والمساجد والكنائس بل هنالك من هدموا الله والدين وجلسوا مكانهما بناموس لهم يذلّون الناس به ويكفرّوهم ويقتلونهم ا مباشرة أو تواطؤا أو خيانة،في سبيل أن يظلوا في عروشهم مؤبّدين آلهة على الخلق....
حسين الجسر
التالي
سعيد عقل- سياسته حقه ... وشعره حقنا