جايل مارموي البريطانية تقول : أدركت أني سأموت لو لم أطلب الشرطة التي وصل رجالها مزودين بكاميرات في صدورهم وضعت خصيصا لتوثيق الحدث.
وجدوها مهشمة الوجه ومورمة العينين من الضرب المبرح الذي ارتكبه زوجها بحقها تلك الليلة حتى غدت مذعورة من كل شيء.
وهو يضربها منذ عقود غير أنها قررت أن لا تسكت اليوم وأن تجعل من قصتها عنوانا لكل النساء المعنّفات من قبل أزواجهن.
هذا في بريطانيا التي تسبقنا بأميال طويلة من التحضّر والمدنية والقانون، فما هي حال نسائنا في لبنان تحديدا حيث يطفو التحضّر في مجتمعاتنا قشرة بسيطة تخفي خلفها البلاوي من التخلف والجهل والذكورية الحيوانية؟ وحيث المدنية مجرد ثوب نلبسه بين الناس ونخلعه في بيوتنا لنرجع الى همجيّتنا ؟؟وحيث الدولة مجموعة كراكوزات يخشى أغلبهم من المؤسسات الدينية ويأخذون بخاطرها فيتهرّبوا من صياغة قوانين انسانية عصرية جريئة وعادلة؟
زلفا اللبنانية تخرج كل ليلة من شاشة الألبيسي لتنور النساء حول حقوقهن وكيفية التعاطي مع العنف المنزلي،وهذا أمر إيجابي، لكن زلفا لا تملك أن تغيّر من ذهنية الكثيرين من الرجال الجهلة والعناترة على الزوجات الضعيفات، ولا تستطيع أن تحمل النواب الممدين لأنفسهم أن يقدموا على تشريع قوانين مشرفة وعادلة في هذا المجال دون مواربة ونفاق لرجالات الدين والأوصياء زورا عليه.
لقد بدأنا بالحديث علنا عن هذا الواقع المريض الذي يعم بلدنا والذي لم يظهر من جبله الكبير سوى رأسه الصغير ،فالعنف المنزلي موجود في أكثرية البيوت اللبنانية وهو يبدأ من طريقة التخاطب البسيطة(راقبوا المسلسلات السورية حين ينادي الرجل زوجته ب:"وليه")
مرورا بالعنف اللفظي البشع وصولا إلى الضرب الجبان الوسخ والذي يدل على مدى تفاهة وضحالة وجبن هذا الانسان الذي لا يملك من شرف الرجولة إلا ذكورته الحيوانية والتي يتساوى فيها مع كل الحيوانات في الأرض.
مجتمع متخلف في العمق كلما أوغلت في داخله وجدت بئارا من الجهل الديني والعرق القبلي،لندرك جميعنا أن بناءنا يحتاج إلى تهديم كي نبنيه من جديد.
تهديم نعم لكل المقدسات البائسة التي عشعشت في رؤوسنا. تهديم ممنهج لنعبّد بداية طريقنا نحو شرف الانسان.
حسين الجسر