"سيضطهدونكم ويسلّمونكم الى المجامع والسّجون وتُساقون الى الملوكِ والحكّامِ من أجل اسمي..."
هذا ما قاله السيّد المسيح يوماً ما وهذا ما يعيشه المسيحيّون في هذه الايام ..
الاضطهادُ يزداد يوماً بعد يوم والضحايا أصبحت مجرّد أرقامٍ نتلوها على الشاشات ونكتُبها في الصّحفِ والمجلات ولا مَن يحرّك ساكناً..
الكلّ يتفرّج ويتضامن أمّا الضحايا فيُذبَحون بدمٍ باردٍ أو يُؤخذون سبايا و يُهجّرون من بيوتهم ويُقلعون من أرضهم باسم الله والدين..
باسم التطرّف الاسلامي يُقتلُ الأطفال وتُدمّرُ الكنائسُ وتُهجّرُ مناطقٌ بأسرها والكلّ يتفرّج...
ومِنَ الواضحِ انّ هذا الاضطهاد ليس وليدَ صدفةٍ او نتيجةَ حالةٍ مستجدّةٍ أوطارئة فهو مُنظّمٌ ونابعٌ عن تصميمٍ ووعيٍ ولم يلقَ حتى اليوم ايّ قوّةٍ تواجهه أوتحدّ من انتشاره والدليل على ذلك انّه يتوسّع وينتشر ولا يقتصر على دول الشرق الأوسط فحسب بل يتفشّى كمرضٍ قاتلٍ في عددٍ كبيرٍ من دول العالم .. فتجدُنا أمام حالةٍ من الهروب .. مسيحيّون هاربون حول العالم : لاجئون ، نازحون ، مهجّرون .. صفاتٌ كثيرة أطلقها العالم على هذه الحالة الانسانية لكنَّ العالم بأسره لم يفعل شيئاً لأجل هؤلاء.
مَن هي مرجعيّة هؤلاء؟ الى مَن يَشتكون ؟ الى مَن يَعودون؟ مَن يُحصّل حقوقَهم ويَحمي أعراضَهم؟
مَن يُعيدُهم الى أرضهم ؟ الى بيوتهم ؟ الى عائلاتهم المشرّدة ؟ مَن يجمعُ شملَهم ؟ مَن يُحاسِبُ مضطهديهم؟ مَن يقطعُ اليد التي تمتّدُ لتَزهقَ روحاً ذنبُها أنّها على اسم المسيح؟ مَن يصدّر هذا الارهاب وهذا الاضطهاد ولماذا؟
أسئلةٌ كثيرة تكادُ لا تصلُ الى أحد ..فالآذان الصمّاءُ عن صراخِ الأبرياءِ لا تسمعُ الا خطابات الشحنِ والتحريضِ والارهاب والقتلِ باسم ربٍّ بريءٍ هو من كلّ هؤلاء...
أمّا المرجعيّات المسيحية حول العالم فأين هي من كلّ هذا ؟ كيف تحمينا وماذا تفعل؟
هل تقرأُ دوائرُ الفاتيكان ما يُحصى عن مؤشّرات الاضطهاد وهل تَطّلع على ارتفاع النّسبِ بشكلٍ كبير ؟
وما هو دورُها في هذا المجال؟ لماذا لا تشغّلُ هذه الدوائرُ طاقاتِها وكلّ قدراتِها وسلطتَها لتحدَّ من هذا الاضطهاد؟ أتُراها غير قادرةٍ على فعلِ أيّ شيء؟
أمّا في لبنان فماذا تفعلُ المرجعيّاتُ الكنسيّةُ العليا لتفادي وصولِ هذا الاضطهاد المُجرمِ الى أرضِ القديسين؟ وهل يا ترى تصلُ أصوات الفقراء والمضطهدين الى قصور رجال الدين ؟ لكنّ القصور شاهقة وأبوابها موصَدة وصوتُ الاضطهادِ خافتٌ جداً...
فيا ايّها المعنيّون أينما كنتم وكائناً مَن كُنتُم : نحن مسيحيّون وباسم المسيح وُلِدنا وعلى اسمه نموت ، ارفعوا عن رقابنا أسواطكم الظالمة وعودوا الى ربّكم ..
ويا ايّتها المرجعيّات المسيحيّة الكبرى المعنيّة بالدّفاع عنّا : البكاءُ والنحيبُ والمواساة والحداد.. كلّها مظاهر لا تكفي فالمأساة تُنذِرُ بطوفانٍ كبير وقد كَثُرَت سكاكين الذبّاحين ... افتحوا عيونكم وانظروا من نوافذ قصوركم الى قوافلِ المضطهدين.. فكيف تهنأون في عليائكم وقد هُشِّمت كنائسُكم ونُكِّسَت صلبانُكم وامتلأت مقابرُكم بضحايا الجلادين؟؟؟
مهى شلهوب