هنالك إجماعٌ من اللبنانيين عموماً على أننا محكومون من مجموعة زعران تسيدوا علينا من ربع قرن وما زالوا بذواتهم وأبنائهم وزوجاتهم ،متسلحون بقبيلتهم أو طائفتهم ،وجلّهم أمراء الحرب اللبنانية التي طحنت عظامنا، يدّعون صنع سلام لنا وما هو سوى تركيبة شبّيحة بكرافاتات وشبّيحات بفساتين أميرية ،تسرق عمرنا ومالنا وطموحنا ومستقبل أولادنا.
إجماع تشعر فية كل الانتليجنسيا الغربية من سفراء وموظفين وهؤلاء جميعهم يشعرون بحالة قرف واحتقار للمجموعة اللبنانية الحاكمة.
اليوم لن أستفيض عن هذا الموضوع وقد كتبت مرارا عنه وسأكتب، لكن اليوم سأتحدث عن الحبّ،قاهر الظروف والذي به نسترجع فرديتنا وحريتنا وشعورنا الجماعي كبشر متحضّرين
هذا الحبّ الذي يسفّه كل هؤلاء المجانين الموتورين المظلومين ممّن ينشرون الموت والذبح والحرق باسم الدين ويهدّمون كل معالم الفنّ وآثار الحضارات باسم الدين..
انا شخصيا كتبت في الحبّ آلاف الكلمات شعرا ونثرا ولم أزل أشعر أنني طفل يحبو في رحابه.
لذلك سأستعين بنصّ عن الحبّ عمره 65 سنة ، كتبه الشيخ نديم الجسر في كتابه قصة الإيمان ،لأنطلق منه إطارا لحبّ لا يقف عند حدود بل يسود العالم أجمع وبذلك التوصيف يعطي للحبّ عظمته ومعناه وأثره الكبير في العالمين.
هذا هو النصّ:
يدخلُ الرجلُ اليها وحشاً فيصبحُ انساناً وتدخلُ المرأةُ اليها لعبةً فتصبحُ الجنّة تحت أقدامها.
تلك الأوكارُ التي تخيّم عليها السكينة وتُورِقُ فيها الرحمة،ويُزهر فيه الحنان،وتُثمر منها عبادة الله،فيبدأ أوّلُ دعاءٍ صادقٍ لنستمطرَ به رحمة الله على أفلاذ أكبادنا الذين جعلهم الخلّاقُ الحكيمُ بسرّ الحبِّ أعزّ علينا من أكبادنا...
(هو الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وجعل منها زوجها ليسكنَ إليها فلمّا تغشّيها حملت حملاً خفيفاً فمرّت به فلمّا أثقلتْ دعوا الله ربّهما لإن آتيتنا صالحاً لنكوننّ من الشاكرين)
هذا الحبّ الذي بسرّه صرنا نحبّ أطفالنا وأزواجنا وآباءنا وأمّهاتنا والأهل والأخوان والخلّان والجيران،وكلّ أخٍ لنا في الإنسانية،بل الحيوان الاعجم الضعيف الذي نأسى عليه إذا رأيناه يفقد عشيره أو صغيره،حتى نكاد نبكي عليه من الرحمة.....
هذا الحبّ الذي من أجله خلق الله الجمال كلّه...وفي خدمته صنع الإنسان الجميل كلّه....من الشجاعة إلى الكرم إلى الزهو والخيلاء إلى الأناقة إلى الظرف إلى الترف إلى الحداء والغناء إلى الشعر والنحت والتصوير...
هذا الحبُّ الذي يبدأ فينا شهوةً وينتهي بنا فيه إلى عبادة.
بهذا الرقي نحارب كل المدجّجين بالعقائد المجنونة وبالسلاح فالحياة هي الأبقى،نحاربهم لندافع عن حقنا بالحياة وبالحرية وعن إيماننا النقي ،وستنتصر الحياة على الموت والحق على الجهل والنور على الظلم والظلمات...