عنوان مقالي السابق كان :نعلّم أولادهم لنصدّرهم كالبضائع.
واستكمالا للحال،تستتبع هذه الحالة حالات أخرى أشد وأخطر لأنها تتعلّق في صلب النواة الاجتماعية وهي الأهم والأقدس ،أعني بها العلاقة الزوجية أو الزواج اليوم.
ان هجرة معظم شباب اليوم من الطبقات المتعلّمة والعاملة سعيا للرزق الحلال الصعب ،أفرغ الوطن من شبيبته ورفع نسبة العنوسة أو ما يحب البعض أن يسميها تأخر الزواج...فالباقون من الشباب لا يكفي ايرادهم في معظمهم سد حاجاتهم الشخصية فكيف يحتملون مصروف بيت بإيجاره أو ثمنه وما يستتبع ذلك من مصاريف الزواج بداية من الخاتم والخطبة والمؤخّر والمقدّم والعرس؟؟؟؟
أما المسافرون فمصيبتهم أعظم فهم يقضون معظم سنتهم في عملهم ويزورن الوطن لأيام قليلة فيستنهض الأهل جهودهم ليجدوا له عروسا لا يعرفها ولم يرها ولا تعرفه،ثم يتم التعارف بصورة فولكلورية ودائما اكسبرس وتتم الخطبة بكثير من التحلية الشبيهة بالمساحيق الزائلة ويتم الزواج بعد وعد المشاريط واجراء المزايدات وتُصدّر البنت هي الأخرى وفق ورقة تصدير الرجل...
زواج مركّب اكسبرس نتيجته إما الطلاق السريع أو حياة زوجية مضطربة إلا من فاز بالقرعة وهم قلائل أو من هم من الصابرين والصابرات حالهم كحال معظم الزيجات الشرقية....
على الشركات المحترمة إذا وجدت أن تستحدث قانونا جديدا تماما كما تفعل كبريات الشركات الأجنبية التي تعطي الموظف شهرا كاملا حين ياتيه ولد وثلاثة أشهر للمرأة إجازة أمومة....
فلما لا تستحدث الشركات إجازة مشروع زواج تسمح لللرجل المغترب أن يستقر في بلده مثلا لشهور ويختار بنفسه خليلته في زمن أصبحت النساء عاملات ويظهرن في العلن بعد كنّ يُخبّأن في سراديب البيوت المقفلة، والبنات في أيامنا معظمهم راشدات متعلمات يعرفن مصالحهن والأهم عواطفهن الشخصية من غير إملاآت مخلصة من أهل حريصين أدت ببراءة في الكثير منها الى مآسي للزوج والزوجة وبخاصة للأولاد الآتين من هذا الزواج السريع.
نحن أمام معضلة من معضلات الحال اللبنانية البائسة ولكنها الأخطر لا تنسحب على جيل واحد بل على أجيال من الأبناء المظلومين والمستوحدين والمقهورين نتيجة زواج سيء مليء بالخناقات والعواصف والخيانات ثم الطلاق المشرد للعائلة بكاملها....
طبعا طبعا حديثي عن الزواج الحديث لا عن هؤلاء الذين يتزوجون اثنتين وثلاث ورباع متحجّجين بالشرع ، فهذا زواج عبيد في عصرنا الحاضر والقرآن الكريم الذي نظّم الزواج على مراحل كما فعل بأشياء كثيرة ،دعانا إلى الزواج بواحدة،ما عدا الاستثناء القليل، للذي يريد حقا قراءة روح القرأن، وكذلك هي سائر الأديان مع بعض النقص كتحريم الطلاق ثم السماح به والذي أجازه القرآن فسمّاه أبغض الحلال.
عود على بدء ،لا تصدروا زيجاتكم كما تصدرون أولادكم ،فالأول حاجة والثاني يحتاج الى الكثير من التدبّر والتأني وعدم الطمع ....
أي دعوهما يلتقيان ويتفقان ويتحابان ومن ثم فليذهبا أنى شاآ ولو في أطراف الأرض فالرزق الكفاف الحلال هو الأبدى.