في ميزان الفشل والنجاح تبدو نتائج محادثات آستانة أقرب الى الفشل، بعدما بقي كل من النظام والمعارضة متفلَتين من أي التزام ولم تشهد مواقفهما ما يؤشر الى ان ما بعد استانة لن يكون كما قبلها. البيان الختامي الذي وقع بحبر روسي ايراني تركي، تحفظت المعارضة على تجاهله الدور العسكري لايران. صحيح ان البيان اكد محاربة داعش وفتح الشام لكن لم يصدر عن المعارضة ما يؤشر الى موافقتها على محاربة فتح الشام. أما في الشق السياسي الذي لم يكن من اختصاص اجتماعات استانة، فكان تاكيد على قرارات جنيف والمقررات الدولية، ومنها ما بتناول عملية الانتقال السياسي. في الشكل وفد النظام وسفيره بشار الجعفري حرص على ابداء ارتياحه للنتائج ووصف مؤتمر استانة بأنه نجح في هدف تثبيت وقف الاعمال القتالية ولكنه قال لفترة محددة. وفي سياق مؤتمره الصحافي اكد أن العملية العسكرية في وادي بردى ستستمر حتى تأمين المياه لدمشق، وهذا الامر بحد ذاته يشكل نقطة خلافية اساسية عالقة مع طرف المعارضة. واذا كانت المعارضة فشلت في فرض ابرز شروطها في البيان ولاسيما ما يتعلق منها بإيران والميليشيات التي تدعمها، فإن النظام أيضا لم يتمكن من تجاوز فصائل المعارضة التي كان حتى الامس يصنّفها بالارهابية. في المشهد العام فإن بعض الصفات التجميلية قد يعطيها البعض لهذا المؤتمر لكن الهوٌة بين طرفي الصراع السوريين بقيت على حالها. خمس كيلومترات فقط تفصل بين فندق غراند بارك الذي نزل فيه وفد المعارضة وفندق ريكسوس حيث نزل غالبية أعضاء وفد النظام، وامتار قليلة فصلت بينهما هنا في فندق ريكسوس لكن المسافة السياسية بينهما لم تبدأ بعد رحلة الالف ميل والطريق امامها لا تبدو كبياض الثلج هنا في استانة هذه المدينة التي تلتحق اليوم وعلى غرار جنيف وفيينا في قطار البحث عن سلام في سوريا ما زال مفقود.