ليس جديدا ما يحدث في لبنان، بل هو موجود منذ قيامة هذا الوطن الصغير الذي جعلوه لبنان الكبير وفق سايكس بيكو.
إنّها ضريبة الجغرافيا ... وطن ضعيف بين أقوياء يستعملونه في معاركهم وطموحاتهم، بل يستخدمونه ساحة حرب بدل ساحاتهم، يموت فيها أبناؤه بدل أبنائهم،وتدمّرفيها ممتلكاته بدل ممتلكاتهم، ونتهار فيها مؤسساته بدل مؤسساتهم،وتنهار دولته بدل انهيار دولهم...
ضوّى لبنان لأقل من عقدين من الزمن في الستينيات وأوائل السبعينيات... فكان قبلة العرب والرائد بينهم ، بمشافيه وجامعاته ومصارفه وسياحته ومنارته الاعلامية... حتى وضعت الحرب أوزارها فأحرقت الحجر والبشر فدخل الوطن في النفق المظلم وظلّ فيه رغم اتفاق الطائف الملغوم... واستحوذت من حينها طبقة سياسية أساسها مافيوزي وأمراء حرب على مقدرات البلاد...
اليوم لم يزل لبنان ساحة صراع الآخرين ولم تزل الطبقة نفسها بمعظمها رابضة على عنق الوطن وأعناق اللبنانيين.
قد يكون الواقع الجغرافي والاقليمي هو السبب الأم في خراب البلد ،لكنّ السؤال الكبير هو: ماذا فعلتم أيها السياسيون ببلدنا؟
هل أجبرتكم الظروف الاقليمية الصعبة أن تنهبوا البلد وتحلبوه حتى آخر ضرعٍ فيه؟
هل الظروف هذه أجبرتكم على أن تفرّغوا الوطن من مؤسساته وكياناته وقضائه؟؟
فعممتم الفوضى وثقافة الرشوة والفساد وقلة الضمير وقوضتم آخر مداميك المحاسبة، لتتركوا لأزلامكم استباحة بقايا وفتات ما تركتموه، وسيّدتم المستتبع والفاسد والقاصر، فانهار أي أمل فأصبحت الشبيبة المتعلمة كلها في الغربات والمنافي سعيا وراء الرزق الحلال والكرامة بعدما أفقدتم كل كرامة للمواطن في وطنه؟؟
وما زلتم تحفرون في جروحنا وتمكنون الرعاع فينا ثم تتشدقون بالوطن...
أي وطن أيها الغارمون؟؟؟ قليلة قولة المطرب راغب علامة :طار الوطن.
الوطن طاير من زمان والناس في المهاجر... ومعظم الباقين هم إمّا عبيدكم وإما مساجينكم قسرا.
حسين الجسر