كما نزرع نحصد، وكلما زرعنا خطاباً طائفيا، حصدنا مجموعات ٍ تسمى شعباً، تعيش في دويلات حدودُها مذهبية ومعابرها شعائرُ دينية.
اليوم علا الصراخ في اكثرَ من منطقة في اقضية طرابلس والمنية و الضنية، وبآياتِ التكبير اراد المواطنون كسرَ قرار الدولة بانشاء مطمر تربل، تحت حُجة رفض استقبال نفاياتِ الطوائف الاخرى، ووَهم ِ الدفاعِ عن قرار رئيس الحكومة سعد الحريري الرافض لاقامة المطمر.
انتفض السياسيون تحتَ ثقل التحريض الطائفي، الذي اتَخذ هذه المرة منحى سنياً - مسيحياً، بعدما اتَخذ خلال ازمة نفايات العام 2015 , منحى سنياً - مسيحيا، وسنياً - درزياً وحتى سنياً - شيعياً، ونسي كلُّ السياسيين انهم يحصدون تماما، بأكياس القمامة، ما تزرعه ايديهم وتناسوا صراخ منابرِهم عندما يتقاسمون المناصبَ والمراكز وحتى اصغر الوظائف طائفيا، تحت حُجة " حماية الدين " للمطالبة بكل شيء وايِّ شيء.
كلُّ السياسيين هؤلاء يحشدون الشارع تحت شعارات طائفية، فيما هم فعليا يبحثون عن مكاسبَ مالية اولاً ثم سياسية، اما المواطنون فهُم من يدفع الثمنَ الحقيقي، تارة تحت آيات التكبير كما يجري اليوم، وطورا ً تحت خشبة الصليب كما حصل حين مدِّ خط المنصورية الكهربائي.
هذه المجموعاتُ المشرذمة، وهي تتصارع أُريدَ لها ان لا تسأل من هو صاحبُ الارض المقابلة لمطمر تربل , ومن هو شريكُه الفعلي ؟ من هو الشريكُ في الموقع الذي اقترح بديلا لمطمر تربل، ثم تبين انه لا يبعد اكثر من 900 متر عن الموقع الحالي ؟ من هو صاحبُ الارض والمنزل البعيد كيلومترين فقط عن المطمر متى أُقيم، ومن حرَّك له الشارع الطرابلسي، من اعطى الامر لمؤازرة القوى الامنية نقلَ النفايات الى المطمر امس ولم يُصدر بياناً واضحا عن الموضوع ولماذا ؟ومن قرر التراجع عن قرارِ المؤازرة ولصالح من، ومن ومن ....
الى حين اتضاح الصورة، وفي انتظار موقف وزارة الداخلية التي تؤازر نقلَ النفايات، ومِن خلفِها رئاسةُ الحكومة، تذكيرٌ بما هو اخطرُ من ذلك بكثير ...
فعلى بعد آلاف الكيلومترات منا، يُجري رئيسُ الحكومة لقاءات اكثرَ من دقيقة مع الادارة الاميركية في واشنطن، ابرزُها غدا مع وزير الخارجية الاميركي مارك بومبيو، في وقت يلتقي اليوم وكيلَ الخارجية ديفيد هيل , وسط معلومات عن تشدد اميركي في فرض العقوبات على لبنان، لتطالَ حلفاءَ حزب الله في الحكومة وحتى خارجها، و المتعاونين مع الحزب من البرلمانيين وصولا الى القطاع الخاص، مع كل ما يحملُ ذلك من تداعيات على الاقتصاد اللبناني المُنهك اصلا وعلى القطاع المصرفي.