LBCI
LBCI

الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية اللبنانية تُحلّق في سماء بيروت بقيادة المايسترو ماتيسيك والثنائي ملاعب

فنّ
2025-05-06 | 08:21
مشاهدات عالية
شارك
LBCI
شارك
LBCI
Whatsapp
facebook
Twitter
Messenger
telegram
telegram
print
الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية اللبنانية تُحلّق في سماء بيروت بقيادة المايسترو ماتيسيك والثنائي ملاعب
Whatsapp
facebook
Twitter
Messenger
telegram
telegram
print
8min
الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية اللبنانية تُحلّق في سماء بيروت بقيادة المايسترو ماتيسيك والثنائي ملاعب

في قلب بيروت النابض، وبين جدران الكنيسة الإنجيلية الأرمينية الأولى في بيروت، تجلّت ليلة الثاني من أيار كأيقونة فنية راسخة في الذاكرة، بدعوة من رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى المؤلفة الموسيقية هبة القواس مع الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية اللبنانية، حاملةً على عاتقها إرثًا عريقًا من النغم الخالد، فدعت جمهورها إلى رحلة سمعية استثنائية.
 
أمسية تراقصت فيها الأرواح على أنغامٍ عذبةٍ ساحرة، بقيادة القدير ماسيميليانو ماتيسيك، المايسترو الذي يمتلك القدرة على تحويل صمت القاعة إلى سمفونية من المشاعر المتدفقة. المايسترو ماتيسيك، القادم من أرض إيطاليا العريقة بتاريخها الموسيقي، لم يكن مجرد قائد للأوركسترا، بل كان بمثابة مهندسٍ بارعٍ ينسج خيوط الأصوات بتناغمٍ بديع. وهو الذي عاش في سويسرا الجرمانية على الحدود الإيطالية واكتسب الجنسية السويسرية ونهل من الموسيقى الألمانية، فجمع المجد من طرفيه لذلك أتقن موتزارت بشكل محترف. كما انه احب الموسيقى العربية وعمل عليها. خبرته الواسعة وشغفه العميق بالموسيقى الكلاسيكية تجليا في كل إشارة من يده، في كل نظرةٍ يوجهها إلى العازفين، مُلهمًا إياهم لتقديم أداءٍ يرتقي إلى مستوى الروح التي تحملها المؤلفات الموسيقية. وبمشاركة نجمين لامعين في سماء العزف المنفرد، ريبال ملاعب على الفيولا وتانيا سونك- ملاعب على الكمان ، لتنطبق رحلةٌ سمعيةٌ فريدة عبر أزمنة الموسيقى وألوانها.
 
كان حضور المايسترو ماتيسيك على منصة القيادة بمثابة هالة من الوقار والإلهام. هذا الموسيقي الإيطالي، الذي نهل من ينابيع الموسيقى الكلاسيكية الأصيلة، لم يكن مجرد موجهٍ لحركة الأيدي، بل كان بمثابة روحٍ ساريةٍ في جسد الأوركسترا. تتلمذ على أيدي قامات موسيقية رفيعة، وحصد جوائز مرموقة تشهد على عبقريته، ليصبح اليوم قائدًا مُحنكًا يقود كبرى الأوركسترات العالمية. شغفه بالموسيقى يتجاوز حدود النوتات المدونة، ليصل إلى أعماق العمل الفني، مُستخرجًا منه ألوانًا وظلالًا لم تكن لتُرى لولا بصيرته الفنية الثاقبة. اهتمامه بالجيل الصاعد من الموسيقيين، من خلال عمله كأستاذ في أكاديمية فرايبورغ وتقديمه للورش التدريبية، يعكس إيمانه الراسخ بأهمية نقل شعلة الإبداع إلى الأجيال القادمة.

وكانت كلمة لرئيسة المعهد د. هبة القواس في مستهل الحفل جاء فيها: 
 
"إنّنا نُقيم الليلة احتفالًا بالصوت، بالصمت الذي يسبقه، وبالاهتزاز الخفي الذي يحرّك الكائن فينا قبل أن يصل إلى الأذن. هذه الأمسية ليست فقط عرضًا موسيقيًا. إنّها إعلانُ وجود. وجودُنا نحن اللبنانيين في عالم يُعيد تشكيل ذاته، ويبحث عن هُويّاتٍ تائهة بين الضجيج والعدم. من هنا، من قلب بيروت، يقف الموسيقي اللبناني – لا كعازفٍ فقط – بل كبيانٍ ثقافيّ، كجملةٍ موسيقيّة تُقال على مستوى الوعي الإنساني.
 
رِبال ملاعب، العازف العالمي على آلة الفيولا، ليس فقط موسيقيًا متمكناً، بل هو امتدادٌ لأوتار هذه الأرض، حين تتعلّم كيف تنطق من على مسارح العالم. وتانيا سونك ملاعب، شريكته في الفنّ والحياة، لم تعد مجرّد عازفة كمان... بل أصبحت مرآةً للروح االبنانية حين تتحوّل الأنثى إلى قوسٍ يشدّ الجملة الموسيقية بشغف واحتراف.
ولأنّ الموسيقى لا تكتمل إلا بالخلق، فإنّ البرنامج الليلة لا يقف فقط عند عبقرية موزارت، بل ينهل أيضًا من روح لبنانية خالصة: المؤلف اللبناني جمال أبو الحسن، الذي يكتبنا من الداخل، بلغةٍ لا تحتاج إلى ترجمة."
 
وأضافت القواس: "أشكر المايسترو ماسيميليانو ماتيسيك الذي سيحمل اليوم التنوع الموسيقي بفرادة، يحمل الليلة عبء الترجمة بين الصمت والصوت، بين الرؤية والتنفيذ، ليس فقط قائدًا للأوركسترا، بل شاعرًا بالصوت.اليوم، تَشهد بيروت على لحظة استثنائية، حيث تتداخل الأزمنة: بين ماضٍ عبقريّ نُجسّده عبر موزارت، وحاضرٍ لبنانيّ يُحاورُ العالم لا ليُشبهه، بل ليضيف إليه. ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أنحني تقديرًا لمحبي الموسيقى في لبنان...أنتم من يتدركون أن شغفكم ومتابعتكم للموسقيى العظيمة هو فعل مقاومة، مقاومة للسطحيّ، للزائل، للمؤقّت، وأنّ الجمال، حين يُصنع بمسؤوليّة، يُصبح فعلًا وطنيًّا من نوعٍ آخر. أنتم لستم مجرّد حضورٍ في مقاعد، أنتم الصدى... أنتم الغاية. فلنترك الصمت يتراجع أمام هدير الموسيقى...ولنسمح للأوتار أن تقول ما لم نعد نعرف كيف نقوله. أهلاً بكم في أمسيةٍ لا تُنسى. أهلاً بكم في بيروت التي، رغم كلّ شيء، لا تزال تُنجب المعجزات".
 
وشكرت القواس الراوي جهاد الأطرش الذي يفي على الموسيقى أبعادًا مختلفة بصوته العريق وحضوره.
 

أما برنامج الأمسية، فقد كان بمثابة تحفة فنية متكاملة الأركان، جمعت بين عظمة الماضي الموسيقي العريق وإشراقة الحاضر المعاصر. 
 
في القسم الأول، استقبلت الآذان سمفونية كونشرتو للكمان والفيولا والأوركسترا للمؤلف الأسطوري وولفغانغ أماديوس موتزارت. هذا العمل الخالد، الذي كُتب بعبقريةٍ نادرة، يمثل حوارًا سماويًا بين الآلات، حيث يتناغم الكمان والفيولا في تبادلٍ للألحان يلامس أوتار القلب والروح. لم يكن تألق الأوركسترا ليُكتمل لولا البراعة الفذة للعازفين المنفردين، تانيا سونك- ملاعب وريبال ملاعب، فقد امتلكا قدرةً استثنائية على تحويل الآلات إلى امتدادٍ لأرواحهما، حيث عزفا بمشاعرَ فياضةٍ وتقنيةٍ عاليةٍ وقدسيّة فريدة أوحت للحضور وكأنهم يمسكون الصوت بأيديهم ويتحكمون بقيادته لشدّة العذوبة والليونة، ليأسرا قلوب الحاضرين ويأخذوهم في رحلةٍ عبر عوالمٍ من الجمال والرقي.
 
التناغم بين الكمان والفيولا في كونشرتو موتسارت كان مثالًا حيًا على الحوار الموسيقي المتناغم، حيث تجاوبت الآلتان بأسلوبٍ ساحرٍ، وكأنهما صديقان حميمان يتبادلان أسرارهما على أوتارٍ من ذهب. كان الانسجام بين الأوركسترا، بقيادة المايسترو ماتيسيك، والعازفيَن المنفردَين، مثالًا حيًا على قوة التعاون الفني. فعملوا بروحٍ واحدة، وكأنهم أعضاء في جسدٍ واحد، يتنفسون النغم ذاته ويترجمونه إلى لغةٍ عالميةٍ يفهمها الجميع. تانيا سونك، بصولاتها الساحرة على الكمان، وريبال ملاعب، بأدائه العميق على الفيولا، قدما أداءً لا يُنسى، أظهر موهبتهما الفذة وإحساسهما المرهف بالموسيقى. لقد كان تفاعلهما مع الأوركسترا سلسًا وعفويًا، مما أضفى على الأمسية جوًا من التكامل والانسجام.

الحركة الأولى، "Allegro maestoso"، قُدمت شامخةً مهيبة، لتأسر الحضور منذ اللحظة الأولى بإيقاعها القوي وتعبيرها العميق. لتأتي بعدها الحركة الثانية، "Andante"، وتغمر القاعة بسكونٍ عاطفي، بنغماتٍ رقيقةٍ تروي قصصًا من الحنين والشوق. وتختتم الرحلة مع الحركة الثالثة، "Presto"، التي تنطلق بحيويةٍ فائقة، لتترك في الأذهان انطباعًا بالبهجة والانتصار. خلال هذا الأداء المتقن، برزت براعة العازفين المنفردين، تانيا سونك- ملاعب وريبال ملاعب، اللذين امتلكا سيطرةً كاملةً على آلتيهما، وقدما أداءً زاخرًا بالإحساس والتناغم، وكأنهما روحٌ واحدةٌ تعزف بأربعة أيدٍ.
 
في القسم الثاني، انتقل بنا سحر الموسيقى إلى آفاقٍ معاصرة مع عمل المؤلف اللبناني المبدع جمال أبو الحسن، "Overture 2025" لم يكن هذا العمل مجرد افتتاحية عابرة، بل كان بمثابة رحلة سمفونية متكاملة، تتألف من ثلاثة فصول تحمل عناوين ذات دلالة عميقة "The opening, Overture 2025" وهي مبنيّة على "الدلعونة اللبنانية" واشتغل عليها أبو الحسن أوركسترالياً، التي استهلت الجزء الثاني من الأمسية ببناءٍ موسيقي فريد يجذب الانتباه ويؤسس لعالمٍ صوتي جديد. ثم جاءت "Tuta for Symphony Orchestra" لفريد الأطرش، وهي مقطوعة تجسد براعة أبو الحسن في استكشاف إمكانيات الأوركسترا السمفونية، وتقديم ألحانٍ مبتكرة وتوزيعاتٍ أوركستراليةٍ آسرة.
 
وأخيرًا، اختتم العمل بالفصل الثالث، "A New Hope"، وهي مستوحات من نصوص لجبران في ألحان شرقية، والذي حمل في طياته رسالةً تبعث على التفاؤل والإيجابية، وكأنه نظرة إلى المستقبل بعينٍ مُشرقة. وقد أضاف صوت الراوي المتمكن جهاد الأطرش بُعدًا آخر للعمل، حيث تفاعلت كلماته المعبرة مع النغمات الموسيقية، لتخلق تجربةً فنيةً متعددة الأبعاد تحتفي بالذاكرة الجماعية، وقوة الصمود في وجه التحديات، والاحتفاء بالثقافة كمنارةٍ للأمل، وبعدًا شعريًا ودراميًا للعمل، حيث نسج الكلمات مع الألحان ليخلق تجربةً حسيةً متكاملة.
 
في نهاية هذه الليلة الساحرة، غادر الجمهور الكنيسة الإنجيلية الأرمينية الأولى وهم يحملون في قلوبهم فضاءً مشحونًا بالفرح والقوة.
 
 لقد كانت أمسية تجاوزت حدود الموسيقى، لتصبح تجربةً روحيةً عميقة، أكدت على قوة الموسيقى في ترويض المشاعر والارتقاء بالروح الإنسانية. وبرهنت الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية اللبنانية، بقيادة المايسترو ماسيميليانو ماتيسيك وبمشاركة النجوم المتألقين، مرة أخرى على مكانتها الرائدة في المشهد الثقافي اللبناني، وقدرتها على تقديم أعمال فنية رفيعة المستوى تليق بتاريخ لبنان الحضاري وثقافته الغنية. لقد كانت ليلة احتفاءٍ بالفن والإبداع والأمل، وبالروح الإنسانية وقدرتها على تجاوز الصعاب والارتقاء بالجمال. كانت بمثابة رسالة أملٍ وتجديد، تُعزف بأناملٍ ماهرة وقلوبٍ مُحبةٍ للموسيقى. فتركت بصمةً لا تُمحى في سماء بيروت الثقافية، مُؤكدةً على أن الموسيقى هي لغة الروح التي تتجاوز كل الحدود والقيود.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

آخر الأخبار

فنّ

الفلهارمونية

الوطنية

اللبنانية

تُحلّق

بيروت

بقيادة

المايسترو

ماتيسيك

والثنائي

ملاعب

LBCI التالي
كاني ويست يستعد لمقاضاة طبيب أسنانه... والهدف: إنقاذ زواجه!
شاكيرا تخطف الأنظار بإطلالة وردية في ميت غالا 2025 (صور)
LBCI السابق
حمل الآن تطبيق LBCI للهواتف المحمولة
للإطلاع على أخر الأخبار أحدث البرامج اليومية في لبنان والعالم
Google Play
App Store
We use
cookies
We use cookies to make
your experience on this
website better.
Accept
Learn More