فرصة تاريخية ضاعت على لبنان !

الفرق بين رجل سياسي وآخر ، كالفرق بين الخاطرة والحكمة!
فالخاطرة فكرة معينة تعيش في زمن قائلها ثم تموت في عصرها ، ورجل سياسي يشبه هذه الخاطرة عندما لا يرى من الأمور أبعد من "منخاره" كما يقولون.
والحكمة هي قول مأثور يعيش في كل الأزمنة ويهدف الى الاصلاح، وهذه الحكمة تشبه رجلا سياسيا يسرّع الزمن ويقصرّ الأبعاد ويستشف المستقبل قبل حدوثه.
من هذا الصنف الجيّد كان المغفور له العميد ريمون اده.

 

نستحضره اليوم لأن ما يحدث الآن يشبه ما حدث أيام العميد.
نستحضره عندما تصرف كرجل دولة بعد حرب ١٩٦٧ وأطلق فكرة تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية وقامت الدنيا ولم تقعد لأن "قصر النظر" عند بعض المسؤولين فرض نفسه.
فلو أخذ المسؤولون آنذاك برأي "العميد" لما كانت الامم المتحدة بحاجة الى القرار ١٧٠١ ولا الى القرار ١٥٥٩ ولما كنا نعيش اليوم مسرحية "النأي بالنفس"، فحياد لبنان بنظر العميد اده هدفه سلامة لبنان وأمنه واستقراره، ولكن أصحاب "قصر النظر" أخذوه الى مكان آخر ومنحى آخر.
والانكى من كل ذلك أن الذين عارضوا العميد في فكرة الحياد هم ذاتهم اليوم يطالبون بحياد القدس وتدويلها لانها للمسيحيين وللمسلمين واليهود على حدٍ سواء.
أليس لبنان كالقدس ؟ أليس لبنان أكثر من وطن وهو رسالة على حد قول قداسة البابا القديس يوحنا بولس الثاني؟ 
إنها فرصة تاريخية ضاعت على لبنان ومن الصعب أن تتكرر لأن العظماء والعباقرة قليلا ما يتكررون.
نعم، يحق للعميد ريمون اده أن يهتف من عليائه: "سيذكرني قومي إذا جدّ جدّهم.. وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر".
وكم نحن بحاجة اليوم الى بدر كهذا !!