أمام هذه المفاصل المصيرية التي يمرّ بها وطننا الذبيح من الشريان الى الشريان والذي لم يتبقّ من بنيانه سوى النذر اليسير، بعدما استُبيحت كل مؤسساته وهُدّمت معظم مرافقه من مراكز طبية وتعليمية ومصرفية وسياحية واقتصادية، قلت لم يتبقّ منه سوى النذر اليسير وهذا النذر هو الشعب اللبناني المنتفض بشبيبته وهو الأمل الوحيد الأوحد في امكانية انبعاث الوطن وعودته تدريجيا الى الحياة الطبيعية.
هذا هو أملنا لأنه السبيل الأوحد لتحرير الوطن من هذه العصابات التي اصبحت عَلَماً للقاصي والداني والتي لا تتعدّى أصابع اليد الواحدة ، وهي التي تحكمنا من عقود وتملك البشر والحجر والاقتصاد والقضاء والقدر.
هذه الشبيبة الثائرة لها الحق والمشروعية بالاستعانة بكل الوسائل ، والاستفادة من كل الجهات والقوى التي من الممكن ان تدعم مشروعها الثوري الوطني واللبناني من غير فرض أية شرط ،لأنه وكماهو معلوم، ليس من بينهم ملائكة، فهم ومن أي جهة أتوا لهم مصالحهم وأولوياتهم ،وفي أحيان كثيرة على حساب الشعوب،وهكذا نراهم بدعمون أنظمة ديكتاتورية ظالمة وفاسدة تستبيح شعوبها في تواطؤٍ مذلّ، وهي،أي هذه الدول، تصنّف نفسها داعمة لحرية الشعوب وللحق والعدالة.
ففي هذا المخاض الذي تعيشه الشبيبة اللبنانية الرائدة لأوّل مرة في تاريخ لبنان،علينا أن نشدّ بأسناننا على ثوابتنا الوطنية في سبيل هدف وحيد: البدأ في إقامة دولة مدنية يستلم زمام أمورها شبيبة أكفّاء وهم كثر، وأحرار وهم كثر،شبيبة لبنانية أثبتت نفسها وريادتها خارج لبنان وهي مستعدة للإبداع والبناء في وطنها وذلك بعد أن تقلب الطاولة كاملة على هؤلاء العصابات الخمس الهرمة والتي قادتنا لعقود نحو الفشل والإفقار والتقهقر والاستتباع وأخيرا الموت الكارثي،ومن غير قلب الطاولة على هذه العصابة الهرمة كلّها من غير استثناء،لا قيامة لهذا الوطن.
المثل الشهير يقول : "تساعكم السماء إذا ساعتدتم أنفسكم" ،وقد آن الأوان للنسف والتعمير، والبناء هو مسيرة طويلة وشائكة وصعبة،معبّدة بالإخلاص والإرادة الصلبة والمعرفة وعزم الضمير.
أنتم أيتها الشبيبة النضرة والمبدعة والثائرة ...أنتم أمل آبائكم وأمّهاتكم وأنتم أمل أبنائكم وبناتكم...أنتم أيها الأبطال والأحرار والروّاد ..أنتم يا من نزعتم قيدكم الطائفي والديني والمذهبي والقبلي والمناطقي....أنتم روّاد لبنان الجديد والعظيم في مئويته الثانية...
إنّ خيالات الشعراء والمغنين والملحنّين تتحضّر لتغزل بكم أجمل القصائد والملاحم وأعذب الأغاني والألحان....لتنشد جميعها سيرة لبنان الثاني الجديد وأبطاله الشجعان،ولنرقص جميعا رقصة طائر الفينيق المنبعث من قلب الركام واليأس والموت العاهر والرماد الذي يغطي اليوم مدينتنا المذبوحة، بيروت.
حسين الجسر