الدكتور منذر كبارة والسيدة ياسمين زيادة

أول يوم من الصيفية في إهدن. أجلس في مقهى فندق الميست، يحوطني هذا الجبل العالي من كل جانب.

لا شيء يضاهي جمال وجبروت الخلق.

مضى وقت طويل لم أكتب في هذه الزاوية. غلبني القرف والعجز واليأس من هذه الويلات التي تغمرنا ومن هؤلاء السياسيين المشلّشين

في عروشهم، لم تستطع الناس أن تغلبهم، بل هم غلبوا الجميع عبر طائفة من الناس المستعبدة...

أوكسيجين إهدن الجميلة يمدّك بالنشاط فتشعر بالحياة في بلد كلّنا فيه أموات إلى أجل....

لن أتكلّم عن الرئاسة الضائعة فآخر همومي هذا الأمر فهو ليس إلا استكمالا للفولكلور اللبناني السائد والمعيب.

آلة الحكم معطوبة، أكلها الفساد من رأسها إلى أصغر نفر فيها وضاع الشرفاء في هذا البحر الملوّث.

الزمن وحده هو الكفيل في استرجاع الوطن إذا ما صفت نوايا الناس وعقدوا الهمم.

وحدهم من يبثّون الأمل والحياة فينا كنسيم الجبل هم هؤلاء الناس المهمّون الذين يعملون بصمت من غير منّة. يعملون لناسهم من الفقراء وهم كثر كثر مهما رأينا من مظاهر البحبوحة عند فئة من الناس. والذين يعملون لمدينتهم ولضيعتهم في زمن عجزت فيه المؤسسات الرسمية عن القيام بأدنى واجباتها.

طبعا ليس هنا مجال لذكرهم فهم بالآلاف من الشبيبة والشيب الكرام المؤمنين بوطنهم ،غير أني سمحت لنفسي أن أذكر اسمين من مدينتي طرابلس لإعجابي بصبرهما وإخلاصهما وهمّتهما... عنيت أولا الدكتور منذر كبارة هذا الفارس الثمانيني الذي لا  يكلّ ولا يملّ من الاهتمام بكلّ حيّ وكل شارع فيشرف على تجميله وتنظيفه ،وآخر أعماله كان تنظيف مدافن المدينة.

وأذكر السيدة ياسمين غمراوي زيادة... هذه السيدة التي بهمّتها أحيت المؤسسات ودفعتها للعمل بعد موات وجمود.. ففعلت في وقت قصير ما لم يفعله مسؤول في المدينة من سنوات.. فأنارت الشوارع وأحيت خضارها وزيّنت المدينة...

أذكرهما على سبيل المثال لا الحصر فالمدينة مليئة بأهل الخير والهمم العالية، كذلك كل منطقة في وطننا.

هؤلاء هم وحدهم من يبعثون فينا الأمل بأن الخير لا يموت بين الناس وأن الوطن سيرجع بهممهم وإيمانهم وصلابتهم....
 
حسين الجسر