كلا، هذا ليس مرضا خطيرا، ولا حالة مستعصية تستوجب علاجا. انه ببساطة، برج السرطان . "أمال" امرأة أرملة في الخمسين من عمرها، تعيش وحيدة بعد أن تزوج كل أبنائها . لا تلبث أن تستيقظ صباحا حتى تتوجه مباشرة نحو الباب الرئيسي للمنزل لتلتقط الجريدة عن الأرض وتذهب لتحضير فنجان من القهوة .
أمال، لا يهمها السياسة ولا الاقتصاد ولا الثقافة وان كل ما تتصفحه في الجريدة اليومية يقتصر على فقرة الأبراج، فقط لا غير . هي من مواليد شهر حزيران، برجها السرطان . الأبراج بالنسبة لها ليست مجرد فضول أو مضيعة للوقت، انها علم قائم بحد ذاته قادر على السيطرة على حياتها، أما مزاجها فليس مرتبطا بما يدور حولها، بل بما سيمليه عليها برج السرطان.
"الأوضاع ضعيفة جدا هذا اليوم، صحيا، انتبه أيها السرطان على وضعك الصحي"... هذه الجملة كفيلة لتعكر مزاج أمال عند الصباح، فبمجرد قراءتها ذلك أيقنت كل اليقين أنها ما لم تنتبه على صحتها، ستمرض عاجلا أم آجلا، ولا مجال للشك في نظرها. تترك الجريدة من يدها وتذهب مباشرة الى الصيدلية! تشتري بعضا من الأدوية والمضادات الحيوية ثم تعود الى المنزل وتعد الحساء وتخلد الى الفراش كي لا تنهك نفسها فتمرض.
والعكس صحيح، فجملة ايجابية تحت برج السرطان كـ"نهارك اليوم مميز..تفاءل بالخير"، قادرة على حمل الأمل والتفاؤل الى عقل أمال، وقادرة على جعلها أسعد انسانة على وجه الأرض.
ليس لدى أمال أدنى شك بما تقرأه في برجها، لا بل تثق ثقة عمياء به! وتروي أنها لا تؤمن لا بالتبصير ولا بقراءة الكف.. أما الأبراج بالنسبة اليها، علم كسائر العلوم، يمكن أن يخطئ أحيانا ولكن غالبا ما يصدق، وهي دائما تشعر بالأمور التي قرأتها صباحا.
على أي حال، مهما صدقت الأبراج لا يجب الغوص بها الى درجة الادمان، فهذا قد يولد حالة نفسية مرضية .