بين بزات المندوبين الصارمة والقاتمة وقمصان الناشطين القطنية، يبرز ممثلو السكان الأصليين بأزيائهم التقليدية الزاهية، محذّرين من المخاطر التي يطرحها التغير المناخي على شعوبهم خلال مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) في شرم الشيخ.
من ولاية أكري في حوض الأمازون بالبرازيل عند الحدود مع البيرو ، حضر نينوا هوني كوي، رئيس اتحاد سكان هوني كوين الأصليين البالغ عددهم 15 ألفا إلى منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر، مرتديا بفخر مشلحا من الريش الأحمر يتدلى على كتفيه.
ويقول الناشط لوكالة فرانس برس "أنا هنا حاملا صوت الغابة والكائنات الحية التي تعيش هناك".
ويلمس كوي الريش الذي يغطي كتفيه معلّقا "هذه أزياء شعبي التقليدية. كل عنصر فيها يمثل روحا من الغابة تتواصل معنا"، مشيرا أيضا إلى القلائد حول رقبته.
ويرتدي كوي هذه الملابس أينما توجه ليذكّر المشاركين في كوب27 البالغ عددهم نحو 40 ألفا بمصير شعبه، مؤكدا "شعوبنا لم تكن أبدا محور نقاش في مؤتمر كوب27".
- "الأرض والمياه والنار" -
ويتابع أنه يضع "الريش لأنني الزعيم، ولكن أيضا لأن الطيور التي تمدّنا بهذا الريش توفّر لنا الحماية في حال وقوع أشياء سيئة".
والحماية ضرورية لشعبه، أول المتضررين من قطع أشجار الغابات الذي زاد بنسبة 75% في عهد الرئيس البرازيلي المنتهية ولايته جايير بولسونارو، مقارنة بالعقد السابق.
ويواجه الرئيس البرازيلي المنتخب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي يزور المؤتمر الأربعاء والخميس تحديا كبيرا بمجرد توليه منصبه في الأول من كانون الثاني/يناير يتمثّل في الحد من إزالة الغابات في الأمازون. ويدرك الرئيس اليساري أن أنظار العالم بأسره تتجّه إلى أكبر غابة مطيرة في العالم لأهميتها في مكافحة احترار المناخ.
ويبدو الإحباط واضحا على كوي إذ لم تسنح له الفرصة ليكون جزءا من عملية اتخاذ القرارات في مؤتمر المناخ. ويقول "ليس لدينا الكثير من الأمل تجاه ما يحدث في كوب27".
ويعرب عن أسفه لمستوى حرية التعبير عن الرأي، مؤكدا أن "القيود في المؤتمر الحالي أكثر من النسخ الماضية.. في البلدان الأخرى، نستطيع أن نتظاهر في الشارع ونُحضر المزيد من الناس.. هنا نتظاهر فقط داخل المنطقة الزرقاء (موقع المؤتمر)".
- "علاقتنا بالكون" -
ويقول خوان كالفين الذين ينتمي إلى شعب مابوتشي للسكان الأصليين في باتاغونيا في تشيلي في أميركا الجنوبية من جهته، "نحن هنا لأننا أدركنا مدى أهمية أن تحترم جميع الاتفاقات.. هوية الشعوب الأصلية، وحقّهم في الأرض والأقاليم والموارد"، مشددا على "أن الحكومات لا يمكنها اتخاذ قرارات من دون موافقتهم".
ويوضح كالفين لوكالة فرانس برس معتمرا قبعة بيضاء كبيرة مطرزة بألوان مختلفة "ملابسنا التقليدية تمثل علاقتنا بالأرض والماء والنار".
ويقول إنه بإرتدائه زيه التقليدي، "أتذكر الماضي، العلاقة مع الأجداد الذين قاتلوا من أجل الحفاظ على هويتنا".
ويشير الى أن الشعوب الأصلية، "من خلال ملابسها وأدواتها، تمثّل العلاقة التي يجب على الإنسان في مجتمع اليوم أن يسعى إليها من أجل تحقيق الوعي بقضايا المناخ".
وتزيّن نساء شعوب المابوتشي رؤوسهن وأعناقهن بحلى فضية كثيرة. ويفسّر كالفين أن هذه الزينة عائدة إلى أن "الفضة تعكس طاقتي القمر والمرأة".
واستمدت غلوريا أوشيغوا عصبة رأسها البيضاء من ريش الطيور مع رموز ملونة.
وتنتمي هذه الناشطة الشهيرة التي غالبا ما تتعرض لتهديدات في بلدها، إلى شعب سابارا للسكان الأصليين في منطقة الأمازون في الإكوادور. وتحوي أراضي هذا الشعب النفط ما يثير مطامع المستثمرين.
وتقول غلوريا أوشيغوا عن ملابسها التقليدية لوكالة فرانس برس "هذه القطعة تسمى يانتشاما وقد ترعرعت معها".
وتؤكد أنها دافعت بملابسها المصنوعة من ألياف الأشجار "عن ثقافتي وشعبي" في وجه مشاريع التنقيب وقطع أشجار الغابات.
وتضيف المرأة التي وضعت ريشة كبيرة على رأسها، "أتيت إلى هنا حتى أحث الأطراف على احترام الشعوب الأصلية".