مكبُّ عيتات: "تفه"

 

إنّها نفاياتنا ، قذارتنا ، مُخلّفاتنا وكلُّ أكياسنا النتنة وروائحنا الكريهة وبشاعتنا المتنقّلة في أرجاء هذا الوطن ...
إنّها منطقة "عيتات" إحدى أجمل بلدات قضاء عاليه في محافظة جبل لبنان وعند هذه النقطة بالذات لا بدّ لكلّ عابر سبيلٍ أن يتوقّف لبرهة لالتقاطِ صورٍ من أجمل ما يكون للطبيعة اللبنانية وللمناظر الخلابة التي لا تُحجَب .
إنّها وبحقّ من أجمل وأروع المواقع في لبنان لكونِها منطقة حرجية واسعة تكشف لنا بالعين المجرّدة جمال وروعة الطبيعة من الاعلى وقد كانت مقصداً للصيّادين وللعائلات وتحيط بها بعض المباني السكنيّة والفلل والقصور.

لكن، وبسحر ساحرٍ وابّان وقوع أزمة النفايات اختفى هذا الجمال كلّه وبدلَ ان نتوقّف لدى عبورنا هذه المنطقة من أجل التقاط صورة بِتنا نصدرُ أمرَ اقفالِ النوافذ بإحكامٍ و مضاعفة سرعة السيارة لعبور جحيمِ المكبّ بأسرع وقتٍ ممكن قبل ان نختنق...

إنّ مرورَك  من امام هذا المكبّ الشنيع الذي لم يرحمْ هذه البقعة الخضراء الرائعة يجعلك تتأكّد أنّنا شعبٌ مفلسٌ ، شعبٌ لعينٌ وأنّ المسؤولين عنّا أشدّ لعنة وأكثرغباءً منّا .. لا يمكن لعقل بشريّ طبيعي ان يتقبّلَ تحويلَ هذه النقطة بالذات الى مكبّ عشوائي ترمي فيه الشاحناتُ كلَّ انواعِ القمامة فتفوحُ الروائحُ الكريهة في كلّ أرجاءِ المنطقة محوّلة عطرَ الصنوبرِ والسنديانِ الى أمراضَ سرطانيةٍ متنقّلة ،عدا عن الحرائق المتعمّدة التي تشبُّ بين الحين والآخر فتخنقُ البيوتَ المحيطة والمناطق المجاورة على حدّ سواء .

دمعة تًذرَف في كلّ مرّة أمرُّ من هناك ، ألعنُ البلدية ونوّابَ المنطقة والوزراءَ والمسؤولين كافة وأدعو بكسرِ كلّ يدٍ ساهمَتْ او طلبتْ أو رمَتْ كيساً واحداً من هذه الأكياس والقذارات التي حولّت بقعة رائعة من وطني الى جحيمٍ .. الى مكبّ .