خبرُ اليوم الذي يُشغلُ معظمَ اللبنانيين المشمولين بقرار الإغلاق ، هو : كيف نقفزُ فوق القرار ؟
لا تتعجَّبوا ، " الناسُ على دين ملوكها "
إذا كنَّا نعيشُ في
" جمهورية ِ انتحالِ الصفة " ، فهناك كثيرون يلجأون إلى " انتحال الصفة " ليُمشَّوا أمورَهم :
فإذا كان مسموحًا للصحافي أن يتجوَّل " منعمِل صحافي "
إذا كان مسموحًا للطبيب أن يتجوَّل " منعمل طبيب ".
إذا كانت لوحة سيارتنا تنتهي بمجوز ، ويوم التجول يكون للمفرد " منشيل رقم المجوز إذا كان الرقم اللي بعدو مفرد".
هل الشعبُ معذورٌ في انتحال الصفة ؟ بالتأكيد لا ، لكنه يرى يوميًا ، وبأمِّ العين ، طبقة سياسية ووزارية ونيابية وأكاديمية، تنتحلُ صفة ، وما حدا أحسن من حدا :
إذا كانوا يريدون حكومة اختصاصيين ، ينشط انتحال الصفة فيُصبح جميع المرشحين لدخول الوزارة إختصاصيين ، وإذا أردتم عيِّنة من هذا الإختراع ، دققوا في بعض أسماء وزراء الحكومة المستقيلة ، ألم يقولوا إنهم اختصاصيون ؟ لن نسمي أحدًا لئلا نُحرج أحدا ً منهم أو منهنّ .... إذا سلَّمنا جدلًا أنهم اختصاصيون ، لكنهم بالطبع تسلموا حقائبَمن غير اختصاصهم.
يتحدثون اليوم عن اكتشاف تزوير بطاقات لصحافيين وأطباء وممرضين وممرضات ، هذا عمل شائن بالتأكيد ، ولكن من استسهل التزوير وانتحال الصفة ليجعل الأمر كأنه عادي ؟
كم من نائب في المجلس الحالي والسابق ، زور شهادته الجامعية ليترشح ؟
كم من جامعة كانت تزور الشهادات لتبيعها لمن يريد أن يدخل إلى الإدارة أو إلى سلك معيّن من الأسلاك ؟
كم من استاذ في الجامعات زوّر شهادته ليحمل رتبة " دكتور"؟
لا يقتصر الأمر على الشؤون السياسية والأكاديمية، بل يتعداه إلى الأمور الغذائية : من يتذكّر تزوير تاريخ الصلاحية على السلع والمواد الغذائية ؟
لو ضربت الدولة بيد من حديد لوضع حد لانتحالات الصفة وعمليات التزوير الآنفة الذكر ، ولما وصلت إلى يوم يتجرأ فيه المواطن على انتحال أي صفة ، فقط ليتجوّل ويقول متباهيًا:
اليوم صرت مثل النائب المزوّر والدكتور الجامعي المزوّر وتلميذ المدرسة الحربية المزوّر " وما حدا أحسن من حدا ".
لا يا سادة ، هناك حدا أحسن من حدا ، هناك الذي لا يزور والذي يخاطب الدولة بالعقل والمنطق ويقول لها : الإجراءات العشوائية لا تنتج سوى معالجات ٍ عشوائية .
الإقفال وحده لا يكفي خصوصًا ان لا أحد سيعوّض عن الذين سيقفلون أبواب رزقهم ، فلا يكفي ان يُقال لهم : " الرزق على الله " لا ، لا تُدخلوا ألله في ما يجب ان تقوموا به أنتم . ربما المطلوب تشدد أكثر وعدم تخبّط وعندها لا يلجأ أحد إلى انتحال الصفة .
اعتبارًا من غد سيبدأ الإقفال ، هل سيشمل الجميع ؟
هل ستكون هناك مربعات عصيّة على الملاحقة ؟ وزير الداخلية سيوضح كل تفاصيل القرار.