"الأرشيف ليس نوستالجيا"... في اليوم العالمي للتراث السمعي – البصري بيار الضاهر يؤكّد: ابتكار اللحظات المميزة مهمّتنا!

هي القناة التي دخلت منازل اللبنانيين وقلوبهم، احتلت شاشاتهم، وحفظت في طياتها أبرز الأحداث السياسية والأمنية والفنية والثقافية والاجتماعية بتغطياتها ونشراتها الإخبارية، ببرامجها المتنوعة على مر السنين، بانتاجاتها المبتكرة والضخمة، وبخرقها لمواضيع عُتّم عليها في الماضي، وبطرحها لقضايا تم تسليط الضوء عليها للمرة الأولى.

الـLBCI رافقت الأجيال من مختلف الأعمار، قدمت محتوى أمتع الصغار وأسرّ الكبار، وهي اليوم تحتفل باليوم العالمي للتراث السمعي – البصري، الذي يتم الاحتفال به في 27 تشرين الأول من كل عام والذي ساعد في زيادة الوعي بأهمية تراثنا السمعي والبصري.

وفي هذا التاريخ المميز، أجرى موقع الـ LBCIالالكتروني مقابلة مع رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للمؤسسة اللبنانية للإرسال انترناسيونال بيار الضاهر الذي استذكر أبرز المراحل والأحداث والانتاجات التي  مرت على القناة، وكانت له نظرته الخاصة للإرث السمعي والبصري، وأهميته كركيزة للانطلاق نحو المستقبل.

لحظات سياسية مفصليّة
يعود الضاهر في ذاكرته حول الأحداث السياسية الى أول تجربة ميدانية للقناة والتي كانت خلال حربي التحرير والالغاء عامي 1989 و 1990 ، كما ذكر حرب الخليج الثانية اي حرب تحرير الكويت سنة 1991 إذ "كانت المرة الأولى التي نبث فيها مباشرة تغطية أخبارية على مدى 24 ساعة بعدما كنا نبث 12 ساعة قبلها".

كذلك، توقف عند عملية "عناقيد الغضب" عام 1996، "حيث قامت الـLBCI  ببث نشرة الأخبار مباشرة من الجنوب".

ولم ينسَ لحظة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتظاهرات 8 و 14 آذار التي شكلت مفصلا تاريخيا في البلاد.

البابا يوحنا بولس الثاني "ناطرينك"
وخلال استذكاره للأحداث التي انطبعت في ذاكرته وذاكرة اللبنانيين، تحدث بيار الضاهر عن زيارة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني الى لبنان، وقال: "الإعلان عن هذه الزيارة علق في ذهني بشكل مميز، حيث كان مؤلفاً من كلمة واحدة "ناطرينك"، سجلها آنذاك الراحل ايلي صليبي بصوته، وكانت مؤثرة للغاية".

بين "الشرقية والغربية"... وجنازة الكبير منصور الرحباني
اللحظات اللامعة في البرامج السياسية استحوذت على مساحة واسعة من ذاكرة الضاهر في الـLBCI، ومن المقابلات المميزة التي تحدث عنها نذكر المرة الأولى التي استضافت فيها القناة الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عام 1986، واللافت فيها أنها حصلت في المراحل الأولى التي يتم الخروج فيها من منطقة الى أخرى خلال الحرب.

كذلك استذكر الضاهر المقابلة مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 1987، وكيف توجه مع الراحل ايلي صليبي وشخص ثالث الى بغداد وسجلوا المقابلة هناك.

ولا بد من الحديث عن الانتخابات الرئاسية عام 1988 والتي لم تحصل، ويروي الضاهر عن وضع المرشح حينها بيار حلو، وزيارته في منزله وبدء البث المباشر من منزله في حين كانت كل الأنظار متجهة نحوه، غير انه أعلن في المقابلة أنه كان في قصر بعبدا وانه قال للرئيس أمين الجميل أنه ليس مهتما في أن يكون رئيسا للجمهورية".

تغطية الـLBCI الأولى لحدث غير سياسي خارج المحطة كانت خلال جنازة الراحل الكبير منصور الرحباني، وتحدث الضاهر عن الصعوبات التي واجهتها المؤسسة بسبب ضعف التجهيزات وقلة حداثتها في ذلك الوقت.

برامج اجتماعية كسرت المحرّمات
أرشيف الـLBCI لم يرتكز الى البرامج والأحداث السياسية فحسب، فهذا الأرشيف الضخم ارتكز أيضا الى البرامج الاجتماعية التي تردد صداها في لبنان والخارج.

وعن هذه البرامج تحدث الضاهر قائلا: "خرقنا في برامجنا العديد من المحرمات والمحظورات التي كان من الممنوع التحدث عنها في العلن، فالراحلة جيزيل خوري عرضت حلقة عن المحاكم الروحية، التي كان ممنوع على أحد تناولها، كما كان لنا حلقة خاصة عن السيدا، وكنا أول من تحدث عن هذا المرض عبر شاشة التلفزيون، ولا ننسى أن المرة الأولى التي تم فيها استقبال شخص متحول جنسيا للتحدث على الهواء كانت عبر شاشتنا في برنامج "الشاطر يحكي"، بالطبع خبأ الضيوف وجوههم لأن المثليين حينها كانوا يسجنون".

تلفزيون الواقع للمرة الأولى في الشرق الأوسط

بالنسبة لبرامج الترفيه، فقد كان لها حصة واسعة ومتنوعة على شاشة الـLBCI، وعاد بيار الضاهر بذاكرته الى "برامج بيتر خوري خلال سهرة رأس السنة التي كانت محطة ثابتة ينتظرها اللبنانيون كل سنة، وفي كل مرة كنا نقدم قصة جديدة. ومن الأرشيف المعاصر لحلقات رأس السنة لا بد من الحديث عن حلقة الاعلامي مالك مكتبي التي صورها من سريلانكا والتي تردد صداها بشكل واسع".

وبالطبع لا ننسى البرامج الحوارية والترفيهية والمسابقات، التي ارتبط اسمها باسم الـLBCI بشكل مباشر، ونذكر منها: المميّزون، حوار العمر، الليلة ليلتك، يا ليل يا عين، ما إلك إلا هيفا، سبلاش  - Splash، ديو المشاهير- Celebrity Duets...

 

ولا بد من ذكر نجاح بارز آخر سُجّل في تاريخ الـLBCI، حيث تمكنت القناة من إدخال مفهوم جديد الى التلفزيون في الشرق الأوسط وهو تلفزيون الواقع. 
هذه البرامج التي اعتبرت ظاهرة جديدة انطلقت من هذه القناة نحو المنطقة، وكان أبرزها: ستار أكاديمي - Star Academy   وSurvivor وThe Farm – الوادي وMiss Lebanon 2003 و 2004 وMission Fashion وغيرها.

وفي سياق الحديث عن برامج الترفيه، سُئِل الضاهر عن استوديو الفن، فأجاب: "هذا البرنامج بدأ في تلفزيون لبنان، والراحل الكبير المخرج سيمون أسمر أكمل به عبر شاشتنا، علماً ان هذا البرنامج يعتبر مدرسة في حين ان غالبية الفنانين الذين لمعوا في السنوات التي تلته تخرجوا منه".

أما البرنامج الذي لم يتوقع أحد نجاحه فكان بحسب رئيس مجلس إدارة الـ LBCI  "نادي النوادي"، مشيرا الى أنه "أحدث خضة وحلقته النهائية أقيمت في جبيل على مسرح عائم في المياه".

 

  

 

تاريخ الـLBCI مع كرة السلة
لعبت الـLBCI دورا مفصليا في انتشار لعبة كرة السلة الواسع في لبنان، فبدعمها الكامل لهذه الرياضة، جعلت منها القناة اللعبة الرياضية الأكثر جماهيرية بين اللبنانيين.

وعن كرة السلة قال الضاهر: "الـBasket Ball كانت  لعبة جماهيرية ناجحة، مرت بمرحلة ذهبية في السابق، واليوم هي تعود للنهوض من جديد في زمننا الحاضر". 

رافقت الأجيال ببرامج الأطفال والمسلسلات الدرامية

"بدأنا بـTon amie Liliane  وبرنامج رسم للأطفال، وانتقلنا نحو برامج عدة ومتنوعة وتثقيفية للأطفال"، وفق الضاهر الذي شدد على ان للأجيال الصغيرة حصتها من أرشيف الـ LBCI.

ولا بد من الإشارة إلى أن للـLBCI الدور الأبرز في المساهمة بصناعة الدراما اللبنانية التي دخلت منازل اللبنانيين واستقرت فيها على مرّ السنوات، وعن هذه الدراما قال  الضاهر إن الكاتب والمخرج الراحل مروان نجار دخل في الدراما عبر شاشتنا بعدما سبقه مسلسل بيت خالتي لكميل سلامة في أواخر الثمانينات". 


"شرقت شمس الـLBC" كانت الأبرز
في أعيادها، كان للـLBCI أغانيات مميزة عدة، استذكرها الضاهر، وخصّ بالذكر  أغنية "شرقت شمس الـLBC"، وكليبها الذي لاقى نجاحا كبيرا. 

بين الهاتف والتلفاز
بالنسبة لبيار الضاهر "الطريقة التي كانت تتم فيها مشاهدة التلفزيون في الماضي اختلفت عن طريقة اليوم، فالآن أصبح الهاتف المحمول معتمداً لدى غالبية الشباب"، وأضاف: "في السابق كنا تشاهد التلفاز مع العائلة والأصدقاء أما اليوم فكل شخص يشاهد على هاتفه بمفرده".

ما هو الأرشيف بنظره
رأي الضاهر بالأرشيف واضح ومعمق، حيث قال : "الأرشيف هو جزء أساسي جدا وليس لأنه ذاكرة، بل لأن شخصياتنا جميعا مرتبطة بالأمور التي نعيشها، والتلفزيون كان في الماضي من الأمور التي نشاهدها يوميا...اما اليوم فنحن نتابع محتوى التلفاز ولكن عبر الهاتف وساعة نشاء".

وأوضح أن شخصية الفرد تتكوّن استنادا الى الأمور التي يسمعها ويراها وهذا الانطباع مهم جدا، لأن تراكم هذه المعلومات على مر الزمن والعمر يكوّن هذا الفرد".

وشرح الضاهر كيف ان "ما نقدمه شبيه تقريبا بالدروس التي نتلقاها في المدرسة، ففي المدرسة يأخذ الطفل كمية هائلة من المعلومات وعندما يتوجه بعدها الى سوق العمل يستخدمها ويتذكر بأنه حفظها في أيام الدراسة، أي انها انطبعت فيه ". 

وقال في هذا السياق: "إذا سألت شخصا بما ساعدك الأرشيف فلن يجد الإجابة، ولكن عندما تبدأ معه حديثا يبدأ بالتذكر، وخصوصاً الأمور التي انطبعت فيه".

"الأرشيف ليس نوستالجيا"
واعتبر بيار الضاهر أن "مهمتنا في التلفزيون هي خلق لحظات تبقى في ذاكرة الانسان، وعندما تحفظ هذه الذكريات في ذاكرة الانسان يصبح بامكاننا الارتكاز اليها للمضي قدما"، وشدد على أن "الأرشيف ليس نوستالجيا بل هو الركيزة نحو المستقبل... نحن نطهو لتأكل الأجيال المقبلة".

ولفت الى أن "لعبة الأرشيف هي نفس لعبة الإعلان، فدور الاعلان هو أن يذكرك يوميا بوجود سلعة معينة، حتى عندما تتوجه للتسوق تقوم بشراء المنتج الذي سوقه لك بطريقة لا شعورية، والأرشيف يستخدم لتذكير الناس بطفولتهم ونشأتهم وعملهم."

"ابتكار اللحظات المميزة عملنا"
بالنسبة لرئيس مجلس ادرارة الـLBCI فان "عملنا هو الاستمرار في خلق اللحظات المميزة التي تترسخ في عقول الناس، واذ لفت الى انه لا نستطيع الاتكال على أمجاد الماضي، شدد على ان عمل المؤسسة لا يقتصر على ما نبتكر وننتج اليوم، بل على الأفكار التي سننتجها للمستقبل إذ علينا أن نمنح المحتوى لجميع الناس من كل الفئات العمرية".

وعبّر الضاهر عن حزنه على الجيل الجديد الذي يولد وسط المشاكل والأزمات التي لا تشبه لبنان، مشددا على ضرورة العمل لتغيير لبنان وصورته لصناعة لحظات جميلة للجيل الجديد تدفعه للمضي قدما الى الأمام". 

بين التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي
وتحدث الضاهر عن المخاوف التي واجهها التلفزيون من أن يصيبه ما أصاب التلكس،  إذ لا أحد يستخدمه اليوم. وعندما انطلقت السوشيال ميديا كان هناك تخوف على التلفزيون من أن يلقى المصير نفسه، ولكن "اكتشفنا في النهاية أن مواقع التواصل الاجتماعي والتلفزيون هدفهما خلق المحتوى، لذلك يمكنك أن تشاهد المحتوى على التلفاز بالمفهوم التقليدي أو تشاهده على الهاتف بمفاهيم حديثة".

كما ثبت - يضيف الضاهر- أن في اللحظة التي تكون جالسا فيها مع عائلتك أو أصدقائك وترغب بمشاهدة محتوى معيّن فإنك ستترك الهاتف وتشاهد التلفاز، لقد تبدلت المتطلبات لدينا وأصبح علينا خلق أحداث كبيرة... محتوى التلفاز يختلف عن محتوى السوشيال ميديا والاجتماعيات تعني الأحداث والمناسبات الكبيرة ما يعني الحاجة للتلفاز".

منذ 38 سنة "شرقت شمس الـLBC"، الأرشيف المحفور في المحطة وفي أذهان الناس خلّد الماضي، وفي المستقبل سيخلّد الحاضر، فهذه المحطة التي لم تتوقف عن بث الحياة والفرح والأمل في القلوب ستستمر وستصنع المستقبل "ليتغيّر كل الموضوع"! 

 *** ملاحظة: حاور رئيس مجلس ادارة المؤسسة اللبنانية للارسال بيار الضاهر الزميلان ليا حواط ومحمود نجار