لا يتردد الرئيس الاميركي دونالد ترامب في خوض مواجهة اقتصادية تجارية، تكنولوجية وسياسية، تعزز نفوذ بلاده، في مواجهة منافسيها، وعلى رأسهم الصين، وتثبِّتُها القوة الاقتصادية الاعظم في العالم.
في المواجهة هذه، تريد واشنطن التحول ايضًا الى صاحبة النفوذ الجيوسياسي الاكبر، عبر التحكم في سلاسل الامداد والشحن، والموارد الاستراتيجية من النفط والغاز، والطاقة المتجددة، والمعادن الثمينة، في كل انحاء العالم.
حاملًا هذه الاهداف، ومعها التعرفات الجمركية القاسية التي فرضتها واشنطن على الصين وعددٍ من الدول الاسيوية والاوروبية، وغيرِها، يبدأ ترامب مباحثاته غدا في ماليزيا، واليابان، وكوريا الجنوبية، ليتوِّجها بلقاء مباشر بالرئيس الصيني الذي يمارس، في المقابل، سياسة القيود الموسعة على تصدير المعادن النادرة الى العالم.
ما تخطط له الولايات المتحدة اقتصاديًا من خلال تعاظم قوتها، تفرضه ميدانيًا من خلال القوة نفسها في الشرق الاوسط، الواقعِ على خطوط الامداد العالمية.
فهنا، تريد واشنطن تثبيت وقف حرب غزة، وابعادَ التهديد عن حليفتها اسرائيل، وهدفُها الاكبر، توسعة اتفاقيات ابراهام، وصولًا الى منطقة مزدهرة، لا حرب فيها، تقطع تمدد الصين نحو المنطقة، ومنها نحو اوروبا .
قد يسأل بعض اللبنانيين المتلهين باحلام النصر، من مواجهة اسرائيل، الى تكبير حجم كتلهم النيابية، الى تعداد اصوات الفائزين في الانتخابات الطلابية، ماذا يهمنا من كل ما سبق ؟
الجواب في كل ما سبق.
فما يخطَّط له في دول القرار، اضخم بكثير من قدرتنا على المواجهة، والفرصة ُ الآن سانحة ...
العملية ليست عملية استسلام.
انما قراءة موضوعية لواقع دقيق، يجعلنا امام منعطفين:
فإما محاولة الخروج صوب بلد قد يتحول الى قدرة اقتصادية ولو صغيرة، تخرجه من هامشيته، وإما بلد واقع تحت قدرة اسرائيل على التحكم بيومياته، تمامًا مثلما يحصل في غزة.