-- يارا بو فخر الدين--
مع الدخول في مدار العام الدراسي الجديد، من الطبيعي أن تعجّ وزارة التربية والتعليم العالي بالأهالي والطلاب الساعين الى إنجاز المعاملات ومتابعة الملفات، ولكن من غير الطبيعي أن تنفجر أروقة الوزارة بالفوضى والـ"لا تربية".
في زيارة، قد يُتوقع لها أن تكون قصيرة الى معقل التربية والحضارة، يصطدم المواطن بواقع مرير لا يشبه صورة لبنان "الحضاري" الذي نفاخر به، فعوض التنظيم، فوضى، وعوض الأمل، يأس، وعوض النجاح، فشل. تسألون ما حدث؟ وما الكارثة التي حلّت؟
باختصار، لا شيء يدل على أن المبنى الواقع في منطقة اليونيسكو هو مرفق عام باستثناء ما كتب في أعلاه بالخارج، أما بالداخل فأقل ما يقال عن المشهد أنه غابة!
يدخل المواطن بهدف تصديق شهادة الثانوي، مثلاً، فيجد نفسه أمام عدد كبير من "النوافذ" والممرات، لا إرشادات ولا من يحزنون! موظفة الاستعلامات غير متواجدة في مكانها، وإن حضرت علا صوتها وكأنها معلمة تصرخ على تلاميذها وتؤدبهم. أما وإذا كان الحظ حليف المواطن ووجد من يسمعه فقد يتفاجأ بأي لحظة أنه تكبد الانتظار "عالفاضي"، إذ أن أوراقه "ناقصة"، وبالتالي لا مجال لإنجاز المعاملة. هذا هو الجزء الأكبر والأخطر من المشكلة، فالأوراق المطلوبة لكل معاملة تبدو في غالب الأحيان غير واضحة، وهذا ما يشكّل مضيعة لوقت أي مواطن، وفشل على صعيد التنظيم.
لذا يمكن القول أنه في غالبية الأحيان، التبصير هو سيد الموقف داخل مبنى الوزارة! على المواطن، "المبتدأ في هذا المجال"، أن يبصّر ويسأل يميناً ويساراً عما يجب أن يفعله أو أين هو المكتب المناسب للمعاملة التي بين يديه. سيما وأن موظفي الوزارة متواجدون في عالم آخر خلف الزجاج الفاصل، قد لا يسمعون من يكلمهم، وإذا سمعوا فإجاباتهم غير واضحة وغير متعاونة! والمضحك أن عنصر الدرك المتواجد لتأمين الحماية والأمن قد يكون أكثر تعاوناً وإلماماً بالملفات من الموظفين أنفسهم.
في العام 2021... بالأسود والأبيض!
في العام 2021، عام اكسبو 2020، عام تطوير لقاحات القضاء على كورونا، وعام الانجازات والاكتشافات العلمية، ما زال الطالب اللبناني يقصد وزارة التربية لتصديق الشهادة الرسمية الصادرة عن وزارة التربية نفسها، فاستخدام الحاسوب لاستخراج الشهادة والتأكد منها غير موجود في عقلية الدولة اللبنانية! والمثير للسخرية أن إنجاز معاملة تصديق هذه الشهادة لا يمكن أن يتم إذا كانت النسخة المصورة عنها "ملونة"، لا بل يجب أن تكون بالأسود والأبيض، وإلا تكون غير صالحة!
ومن الروايات التي تدل على رداءة الحال، أن تصادف سيدة مثلاً، تشتكي من أن ملفها مفقود وأن الموظفين طلبوا منها إعادة إحضار الأوراق لأنها ببساطة "ضائعة"، فمن يتحمل المسؤولية في هكذا حالة؟
كورونا.. حدّث ولا حرج!
أما عن كورونا، فحدّث ولا حرج! الوباء أصبح من الماضي بالنسبة الى البعض، خصوصاً أن إجراءات الوقاية بقيت حبراً على ورق أو مجرد إعلان مُلصق في زوايا الوزارة، لـ"رفع العتب". والأهم أن لا من يتابع أو يحاسب أو يطلب التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة وغيرها.
الى الوزير...
أمام هذا المشهد المؤلم، لا بد من رسالة الى الوزير!
سيدي الوزير، ندرك أنك استلمت مهامك منذ فترة وجيزة، وندرك أن ما يحصل داخل وزارة التربية هو مسار على مدى السنوات الماضية، ولكن جلّ ما نطلبه أن تزور أروقة وزارتك، وأن تشاهد ما يعانيه المواطنون لإنجاز أبسط المعاملات، وذلك من أجل ماذا؟ من أجل التعلّم! أهكذا نشجع طلابنا وشبابنا على المثابرة ومراكمة المعرفة؟ أهذا ما يراه الراغب بالاستحصال العلمي لدى دخوله الى واجهة "التربية والتعليم العالي"؟