أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، أن "المؤسسات العسكرية والأمنية تشكل خط الدفاع الأول عن لبنان، ومن الواجب المحافظة عليها وعلى التنسيق القائم في ما بينها لتثبيت الامن والاستقرار فيه".
وإذ شدد على "أهمية ان تبقى الوحدة الوطنية ومصلحة لبنان فوق كل اعتبار"، تمنى ان "يشهد العام المقبل ترسيخ الاستقرار ودولة القانون والمؤسسات وأن يندمل جرح الجنوب النازف وتحرير الاسرى وكامل الأراضي اللبنانية".
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفود المؤسسات العسكرية والأمنية التي زارته مهنئة لمناسبة عيدي الميلاد المجيد ورأس السنة الجديدة.
وفي هذا الاطار، استهل الرئيس عون لقاءاته باستقبال قائد الجيش العماد رودولف هيكل على رأس وفد من القيادة، حيث اكد العماد هيكل ان "الجيش قوي ومتماسك وجاهز لتنفيذ كامل المهمات آخذا في الاعتبار ان المهمة الاولى هي الحفاظ على الامن والاستقرار الداخلي".
وشدد على أن "الجيش عمل ولا يزال يعمل بضميره من اجل المحافظة على الوحدة الوطنية".
من جهته، أكد الرئيس عون أن "التاريخ اثبت أن الجيش اللبناني انقذ لبنان مرات عدة وسيثبت المستقبل ان الجيش هو المنقذ الوحيد للبنان لانه المؤسسة الوحيدة التي تعمل لمصلحته بعيدا عن الاعتبارات السياسية والحزبية والطائفية".
وتوجه الرئيس عون للوفد قائلا: "أنتم العمود الفقري للبنان ولا احد يستطيع إلغاء انجازاتكم، على رغم محاولات البعض انتقاد الجيش والمؤسسة العسكرية والتنظير عليها. فالمؤسسة تقوم بدورها وواجباتها بشكل ممتاز وعلى مساحة الوطن كافة وبكل امانة واخلاص وبالتنسيق مع الاجهزة الامنية كافة. والدليل على ذلك انجازات الجيش في الجنوب حيث قدمت المؤسسة العسكرية 12 شهيدا خلال تنفيذ مهامها".
واشار الرئيس عون من جهة ثانية الى دور الجيش في بسط الأمن في الداخل، قائلا انه "وفد الى لبنان خلال الصيف الماضي مليون و700 الف شخص وفقا لتقرير الامن العام ولم تحصل اي "ضربة كف"، وعلينا مقارنة نسبة الجريمة المنخفضة فيه مع النسبة في معظم الدول، على رغم التحديات الخارجية والداخلية التي تواجهنا".
وتوجه الى الوفد بالقول: "حافظوا على هذه المؤسسة لنحافظ على لبنان. علينا العمل كجسم واحد وأنا متفائل بكم وبحكمة قراراتكم والتزامكم وايمانكم بالمؤسسة العسكرية، خصوصا أنكم تفرضون واقعا معينا يساعدني على اتخاذ القرارات التي تساهم في تغيير نظرة الخارج للبنان".
وأضاف: "ان المؤشرات الاقتصادية تدل على ان خياراتكم صحيحة والمهمات التي تنفذونها وانجازاتكم هي التي ساعدت على تحقيق هذا النمو الذي وفقا للخبراء وصل الى 5% في بلد غارق في الفساد منذ اربعين عاما وبإدارة مترهلة. فالوضع يتغير تباعا نحو الافضل وقد وضع لبنان على السكة الصحيحة".
واستقبل الرئيس عون وفد قوى الأمن الداخلي برئاسة اللواء رائد عبد الله الذي القى كلمة شكر فيها الرئيس عون على "الدعم الذي يوليه للقوى الأمنية ولا سيما لقوى الامن الداخلي". وقال: "ندرك انكم وحيثما تطلبون الدعم للمؤسسات الأمنية في المحافل الدولية يكون هذا الطلب للجيش وقوى الامن الداخلي ولسائر القوى الأمنية، وفي عهدكم نشهد للمرة الأولى على مساعدات لقوى الامن الداخلي بشكل مباشر ونحن لا نشك في دعمكم لنا في كل الأمور".
وإذ لفت الى ان "المؤسسات استمرارية"، اعتبر ان "هذا ما يظهر في صمود الجيش وسائر القوى الأمنية بحكمتكم وحكمة المديرين السابقين بالرغم من الظروف الصعبة التي مرت على البلد".
وأكد الرئيس عون أن "قوى الأمن الداخلي عادت لتأخذ مكانها الطبيعي بين المؤسسات الأمنية التي تشكل جسما واحدا"، مثمنا "التنسيق القائم بين المؤسسات الأربع والذي لم نشهد له مثيلا من قبل".
وقال: "لقد شعرنا بسرعة بالفارق في عمل قوى الامن الداخلي رغم تشعب مهامكم الكبيرة. وقد اثبتم انكم اهل للثقة بفعل ايمانكم الكبير، وتثبيتكم للامن في البلاد رغم الصعوبات القائمة والتحديات الراهنة".
وعدد الرئيس عون الإنجازات التي تحققت، مشيرا على سبيل المثال الى "النقلة النوعية في مصلحة تسجيل السيارات والآليات، "النافعة" بالإضافة الى ما تحققه شعبة المعلومات وغير ذلك من إنجازات في مؤسسات أخرى، وهي ان دلت على شيء فعلى ان المؤسسات بدأت تعمل بنفس مؤسساتي"، داعيا الوفد الى "اكمال المسيرة على النحو الذي يقوم به لان الامن هو الذي يحقق نهضة الاقتصاد وليس العكس".
ودعا رئيس الجمهورية أعضاء الوفد، ومن خلالهم مؤسسة قوى الامن الداخلي ككل، الى "عدم التأثر بالشائعات والى إرضاء ضميرهم وقسمهم".
ثم استقبل الرئيس عون وفد المديرية العامة للامن العام برئاسة اللواء حسن شقير الذي تحدث باسم الوفد، فقال: "لقد واجه لبنان، ولا يزال، تحديات جسيمة على المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، غير أن مؤسساته الأمنية بقيت، وستبقى صمام أمان الوطن، تعمل بتكامل وتنسيق، بعيدا عن أي اعتبارات ضيقة، واضعة المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار. وفي هذا الإطار، تواصل المديرية العامة للأمن العام، بتوجيهاتكم ورعايتكم، وبالتعاون الوثيق مع سائر الأجهزة الأمنية والعسكرية أداء مهامها بكل مسؤولية واحتراف، ساهرة على حماية الأمن الوطني، وتنظيم شؤون الدخول والخروج، ومكافحة الجريمة والإرهاب، ومواجهة شبكات التهريب، وصون كرامة الإنسان وحقوقه ضمن إطار القانون".
وأضاف: "إننا في الأمن العام نعي تماما جسامة المسؤوليات الملقاة على عاتقنا وندرك حجم التحديات المتغيرة والمتسارعة، ولذلك نؤكد لكم أن ضباط وعناصر هذه المؤسسة سيبقون أوفياء لقسمهم، ثابتين على مبادئهم، متحلين بأعلى درجات الانضباط والالتزام، عاملين بصمت وتجرد، بعيدا عن الأضواء، دفاعا عن أمن لبنان واستقراره".
وأكد الرئيس عون أن "الامن العام استطاع ان يأخذ مكانه الطبيعي بين المؤسسات وانجازاته على الارض تشهد على عمله وقيامه بالدور الاساسي".
وتوقف الرئيس عون عند التطور الذي حصل في عمل مؤسسة الامن العام ولا سيما على المعابر وفي المطار "ما يجعلنا نفتخر بهذا الجهاز وبقيادته".
وأمل الرئيس عون ان "يختم لبنان في العام المقبل جرحه النازف في الجنوب ويتحرر جميع الأسرى ويعود اهل الجنوب الى ارضهم".
بعد ذلك، استقبل الرئيس عون وفد امن الدولة برئاسة اللواء ادغار لاوندوس الذي قال: "إن المديرية العامة لأمن الدولة، وانطلاقا من مسؤولياتها الوطنية والدستورية، قد عاهدتكم وتجدد العهد بأن تبقى الدرع الواقي والحصن المنيع في وجه كل المخاطر الأمنية التي قد تهدد كيان الدولة ومؤسساتها، وفي طليعتها مكافحة الفساد وحماية الأمن الوطني وصون السلم الأهلي. وتؤكد لكم أننا باقون على العهد، ثابتون على مبادئنا، ولن نسمح لأي جهة كانت أن تنال من هيبة الدولة أو من سلطة القانون، انطلاقا من واجبنا المقدس تجاه فخامتكم وتجاه الشعب اللبناني بأسره".
بدوره، أشار الرئيس عون الى أن "مشكلة لبنان الاساسية ولأربعين سنة مضت هي تغلغل الفساد وعدم المحاسبة، في ظل غياب اجهزة الرقابة وعلى رأسها جهاز امن الدولة والقضاء. ولكن اليوم عادت هذه المؤسسات لآداء دورها الطبيعي وانجاز المهام الموكولة اليها في محاربة الفساد. ونتيجة لهذا العمل طرأ تغيير واضح وزادت ايرادات الدولة، واصبح لدينا فائض في الميزانية نتيجة حجم الايرادات الذي زاد بعد فتح ملفات الفساد. وقد انتقلت هذه المؤسسة من مرحلة الى اخرى، الى العمل بجدية ورصانة ووفقا للقانون وتحت قيادة واحدة".
ثم استقبل الرئيس عون وفد المديرية العامة للجمارك برئاسة المدير العام بالإنابة ريمون خوري الذي قال: "نغتنم هذه الفرصة لنعرض أمامكم بعض الإنجازات التي تحققت منذ تولينا مهام مديرية الجمارك العامة، ليس من باب التفاخر، بل لتسليط الضوء على نقطة جوهرية تتعلق بما عانت منه طويلا إدارة الجمارك، رغم تحملها مسؤولية سيادية كبرى".
وأضاف: "فمنذ تولينا مهامنا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، حققنا ثلاثة إنجازات تاريخية، ونقصد بالتاريخية أنها لم تتحقق سابقا منذ تأسيس إدارة الجمارك:
1-إصدار قانون يتيح ترقية عناصر الضابطة الجمركية مباشرة من قبل الإدارة، أسوة بسائر القوى العامة المسلحة، بدل انتظار قوانين استثنائية من البرلمان، وهو ما كان يؤدي إلى تأخير الترقيات لسنوات طويلة، ويقوض مبدأ العدالة الوظيفية وتكافؤ الفرص، ويضعف انتماء العناصر لمؤسستهم.
2-تسليح السلك الإداري في الجمارك، الأمر الذي أسهم في تعزيز معنويات الموظفين وتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، بوصفهم الجهة المكلفة بتحصيل الإيرادات، وحماية الحدود، وتطبيق القانون وصونه، واتخاذ القرارات الدقيقة بهذا الخصوص.
3-نقل مكاتب مديرية الجمارك العامة إلى مبنى مستقل مملوك من الإدارة عند مدخل مرفأ بيروت، بما يعزز الاستقرار الإداري ويوفر موارد سنوية، انسجاما مع مبدأ حسن إدارة المال العام وضبط الإنفاق.
وأشار الى أن هذه الإنجازات على الرغم من توصيفها بالتاريخية، تشكل بديهيات يفترض أن تكون متوافرة في أي إدارة سيادية، لافتا الى أن غيابها لعقود طويلة يبين حجم الخلل البنيوي الذي يعتري إدارة الجمارك.
وقال: "إن دورنا هو ترجمة عملية لمفهوم الدولة القوية التي تفرض سيادتها على كامل أراضيها وحدودها ومواردها. غير أنه يطرح تساؤلا صريحا ومشروعا: كيف يطلب من إدارة تؤمن ما يقارب ٤٠% من موازنة الدولة وتحمي الحدود، أن تستمر في أداء مهامها وهي محرومة من الميزانية التشغيلية، ومن رفد طاقاتها البشرية، ومستثناة من مسار التحول الرقمي والإصلاحات التشريعية على مستوى النصوص والهيكلية؟ وهي معوقات تجعل عملها ينحصر في إدارة الأزمات بدل إدارة المرفق العام واتخاذ المبادرات. ومع ذلك، يواصل العنصر البشري الجمركي العمل على مدار الساعة، محققا نتائج استثنائية في ظروف استثنائية قاهرة".
وأضاف: "إننا، يا فخامة الرئيس، نتقدم إليكم اليوم بإرادة واضحة للنهوض بالإدارة، لا بذريعة العقبات، بل بعزم الإصلاح. ونؤكد أن تمكين إدارة الجمارك، بصفتها إدارة سيادية ووفق رؤيتكم لبناء دولة القانون والمؤسسات، يشكل المدخل الحقيقي للانتقال من إدارة الأزمات إلى إدارة الدولة.
فالحل لا يتطلب ميزانيات ضخمة، بل هو فوري ومجاني، ويحتاج إلى قرار شجاع بتبني إصلاحات تشريعية ونصوص حديثة تتيح للجمارك أداء دورها بفعالية كخط الدفاع الأول عن اقتصاد لبنان وأمنه. ومن هنا، نتطلع إلى دعمكم لاتخاذ القرار، وكسر حلقة الشلل، والبدء بالإصلاحات الضرورية التي لا مبرر لتأجيلها، للانطلاق بإدارة الجمارك عبر ثورة إصلاحية جمركية تواكب عهدكم وتليق به، فتغدو إدارة ذكية وشفافة، وفقا لمعايير منظمة الجمارك العالمية".
بدوره، شدد الرئيس عون على "اهمية دور الجمارك في الاصلاح وحماية حدود الدولة عبر مكافحة التهريب على انواعه"، لافتا الى "ضرورة تطوير عمله ليصبح مطابقا لمعايير منظمة الجمارك العالمية من خلال تحديثه واعتماد المكننة وادخاله ضمن مسار التحول الرقمي ليصبح عمله منسجما مع المعايير الجمركية العالمية".
وأكد رئيس الجمهورية من جهة ثانية ان "جهاز الجمارك بحاجة الى التجهيزات والعتاد كما الى العديد، ومن واجباتنا اعطاؤه الاولوية ودعمه كغيره من الاجهزة الامنية الاخرى عبر زيادة ميزانيته، خصوصا انه شريان حيوي وعصب اساسي للدولة".
ثم استقبل الرئيس عون وفد لواء الحرس الجمهوري برئاسة العميد بسام حلو الذي القى كلمة جاء فيها: "نحن في لواء الحرس الجمهوري نؤكد التزامنا الكامل بالعمل تحت قيادتكم ووفق توجيهاتكم واضعين كل إمكاناتنا في خدمتكم ساهرين على إنجاح مسيرة العهد. وفي هذا السياق نفذنا كل المهمات التي أوكلت إلينا بحماس واندفاع وما زلنا على أتم استعداد لبذل المزيد رهن إشارتكم وكلنا أمل أنكم ستقودون سفينة الوطن الى بر الأمان".
ورد الرئيس عون، قائلا: "ان ما قمتم به خلال هذا العام وحتى قبل ذلك وفي فترة الشغور الرئاسي يشكل إنجازا مهما، وقد تركت مواكبة زيارة قداسة البابا بكل محطاتها عميق الأثر لديه ولدى المنظمين واللبنانيين على حد سواء، لا سيما وان مسؤوليتكم كانت كبيرة فيها وكنتم على قدر الامال والاحتراف".
واستقبل الرئيس عون المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير والمدير العام للمراسم نبيل شديد والمدير العام لفرع الامانة العامة العميد ايلي مينا ومسير الفرع الهندسي في المديرية العامة لرئاسة الجمهورية العميد غسان المفتي الذين قدموا له التهاني بالاعياد.
وكانت مناسبة عرض فيها شقير ما حققته المديرية منذ بداية عهد الرئيس عون الذي رد منوها بالجهود التي بذلت خلال هذه الفترة.